الحجـامــة النبـويــة
الحجامة من الأدوية النبوية التي مارسها النبي محمد عليه الصلاة والسلام وورد ذكرها في الطب النبوي، ففي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجَّام أجره، كما أثنى على تلك الممارسة كما جاء في البخاري: (خيرُ ما تَداوَيتُمْ بِهِ الحِجَامَة)، وقد أحتجم الرسول في رأسه من وجع كان به كما احتجم في مواضع أخرى، واستخدام مصطلح "الحجامة النبوية" قد يقصد به البعض المواضع التي احتجم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حسب ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من عارض صحي رأى الرسول أن الحجامة تنفع له، كما يُشار للحجامة النبوية أحياناً باسم "الحجامة الإسلامية".
بين فقهاء الشريعة الإسلامية أنه تسري على الحجامة الأحكام العامة التي تسري على التطبيب، فإذا نتج عن الحجامة ضرر بالمحتجم فليس على الحجَّام ضمان إذا راعى أصول الحجامة ولم يتجاوز ما ينبغي، أما إن أخطأ أو تجاوز أو كان جاهلاً بالصنعة فإنه يضمن.
سئل ابن باز رحمه الله: هل يحتجم الرسول صلى الله عليه وسلم في كل عام؟ فأجاب: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم، أما كونه في كل عام ما أعلم شيئاً في هذا، لكن ثبت عنه أنه كان يحتجم عليه الصلاة والسلام.
ذكر الحجامة في الأحاديث النبوية
أحاديث الحجامة هي من باب صِناعة الطب التي يجب أن يتحرى المسلم في اختيار أصحها ثبوتاً عن النبي e، وليست من باب فضائل الأعمال التي يُرخِّصُ البعضُ في العمل بها بالشروط الموضوعة والمعتبرة عندهم.. فقد ثبت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عِدَّةٌ من الأحاديث الواردة في الحجامة وفضلها، لكن هناك أيضاً الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الحجامة والتي ساعدت على انتشار مفاهيم خاطئة ومغلوطة عن الحجامة ومواضعها وأوقاتها وشروطها وطريقة تأديتها وحتى موضوع دم الحجامة وما الذي يُفعل به.
أحاديث الحِجَامةُ في صحيح سُنَّـةِ محمد صلى الله عليه وسلم
أحاديث الحجامة الواردة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والمثبتة كثيرة وتربو على الستين حديثاً وتبين مختلف النواحي الشاملة لعملية الحجامة تقريباً، لكن يكفينا ذكر أهم هذه الأحاديث وإسنادها وما جاء في فضلها:
- أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿إنْ كان في شيءٍ من أدويتكم خيرٌ، ففي شَرطةِ محجمٍ، أو شربةِ عسلٍ، أو لذعةٍ بنارٍ تُوافقُ الداءَ، وما أحب أنْ أكتوي﴾.
- ثبت في المسند، وسننِ أبي داود، وابن ماجة، ومستدرك الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله محمد صلى الله عليه وسلم قال: ﴿إنْ كان في شيءٍ مما تداويتم به خيرٌ فالحجامة﴾.
- وأخرج البخاري في الصحيح، وابن ماجة في السنن، وأحمد في المسند عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: ﴿الشِّفاءُ في ثلاثةٍ: شربةِ عسلٍ، وشَرْطةِ محجمٍ، وكيَّةِ نارٍ، وأنهى أمتي عن الكيِّ﴾.
- وفي الصحيحين من طريق حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه: أنه سُئلَ عن أُجرةِ الحجَّام، فقال: احتجم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه، وقال: ﴿إنَّ أَمْثَلَ ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري﴾.
- وأخرج أحمد في المسند والترمذي وابن ماجة في السنن والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ما مررتُ بملأ من الملائكة ليلةَ أسري بي إلاّ كلهم يقول لي: عليك يا محمد بالحجامة﴾.
الحديث: حسنه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال الإمام الألباني في صحيح الترغيب (3/352): صحيحٌ لغيره.
- وأخرج الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: حدَّث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عنْ ليلة أُسْري به أنَّه: ﴿لم يمرَّ بملأ من الملائكة إلا أمروه: أنْ مُرْ أمَّتكَ بالحجامة﴾.
وأخرجه ابن ماجة من حديث أنس رضي الله عنه، والحديث بمجموع طرقه يرقى إلى درجة الصحة، وانظر: السلسلة الصحيحة (رقم:2264)، وصحيح الترغيب (3/352).
- وفي مسند أحمد عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَسَنِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلا قَالَ احْتَجِمْ وَلا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلا قَالَ أخضبهما بِالْحِنَّاءِ.